رغم كوني مصريا وأعشق تراب مصر "وشربت من نيلها وجربت أغنيلها"، بالاضافة لكوني أحد عشاق ومحبي النجم الخلوق محمد أبو تريكة الا أن ذلك لا يمنعني أن أؤكد بكل حياد وصدق أن التوجولي إيمانويل أديبايور يستحق لقب أفضل لاعب وأن تريكة لم يتعرض للظلم مثلما يردد البعض.
وفي البداية أؤكد أنني لا أقول هذا الكلام عقب خسارة أبو تريكة للقب وحصول أديبايور عليه ولكنني قلته وتوقعته من قبل مرارا وتكرار كان أولها في مقالة بعنوان "تريكة وزكي .. وصراع العقل والقلب!" بتاريخ 25 نوفمبر، وأخرها كان في مداخلة تليفونية مع اذاعة الشباب والرياضة مساء الثلاثاء وقبل دقائق من اعلان النتيجة.
فمن الصعب جدا المقارنة بين لاعب يلعب في الدوري المصري المحلي مع الأهلي ويواجه فرقا من نوعية غزل المحلة والمصرية للاتصالات وأسمنت أسيوط مع لاعب يلعب في أقوى بطولة دوري في العالم مع أرسنال أحد أقوى الفرق في العالم ويواجه فرقا من نوعية مانشستر يونايتد وليفربول وتشيلسي.
ومن الصعب أن نقارن بين لاعب يلعب في دوري أبطال إفريقيا مع أشانتي كوتوكو والقطن والهلال ومازيمبي والزمالك، مع لاعب يلعب في دوري أبطال أوروبا أمام ريال مدريد وبرشلونة وميلان وانتر ويوفنتوس وبايرن ميونيخ.
ومن الصعب أن نقارن بين لاعب يهز شباك بتر تشيك وإيكر كاسياس وفان دير سار وجيانلويجي بوفون، ولاعب أخر يهز شباك المعز محجوب وأيمن المثلوثي ومحمد صبحي ومحمد عبد المنصف.
ومن الصعب أن نقارن بين لاعب يتفوق على مدافعين بحجم فابيو كانافارو وجون تيري وكارلوس بويول مع لاعب يتفوق على مدافعين بحجم عصام المرداسي وعبد الكريم لاسانا وابراهيم سعيد وعمرو الصفتي.
البعض أيضا يتحدث عن الانجازات التي حققها اللاعبان باعتبار أن أبو تريكة حقق العديد من البطولات مع منتخب مصر والأهلي في 2008 على عكس أديبايور الذي لم يحقق أي بطولة سواء مع توجو أو الأرسنال وهي مقارنة غير منطقية لأن أديبايور يلعب في توجو وسط مجموعة من اللاعبين المغمورين ولن يستطيع فعل المستحيل بمفرده بعكس تريكة الذي يساعده نجوم كبار في منتخب مصر.
كما أن أرسنال يواجه منافسة ضارية من فرق عتيدة سواء على البطولات المحلية أو الأوروبية مثل الأندية التي ذكرتها سابقا بعكس الأهلي الذي لا يجد أي منافس سواء محليا أو حتى قاريا بسبب ضعف باقي الفرق مقارنة بالأهلي ونجومه بالكامل.
ولو كانت الأمور تقاس بعدد البطولات لكان سيد معوض لاعب الأهلي ومنتخب مصر يصبح أفضل من الايفواري ديديه دروجبا لحصول معوض على كأس أمم إفريقيا وتتويجه بأربع بطولات محلية وإفريقية مع الأهلي بعكس دروجبا الذي لم يحقق أي بطولة سواء مع تشيلسي أو كوت ديفوار - مع كامل احترامي لمعوض.
واذا عقدنا مقارنة رقمية بين أبو تريكة وأديبايور في عام 2008 سنجد أن أبو تريكة سجل اربعة أهداف لمنتخب مصر في كأس أمم إفريقيا وهدفين في تصفيات كأس العالم أي ستة أهداف خلال 12 مباراة بوقع نصف هدف في المباراة الواحدة، فيما سجل أديبايور أربعة أهداف لمنتخب توجو في أربع مباريات فقط في التصفيات بمعدل هدف في كل مباراة.
وعلى مستوى الأندية سنجد أن أبو تريكة لم يسجل أي هدف للأهلي في الدور الثاني لموسم 2007-2008 على مدار 15 مباراة كاملة والذي أقيم في النصف الأول من عام 2008، فيما سجل خمسة أهداف فقط في الدور الأول للموسم الحالي أي في النصف الثاني من العام في مرمى بتروجيت والاتصالات والاتحاد.
ولم يسجل تريكة أي هدف في كأس مصر في موسمين متتاليين، أو في كأس السوبر المصري أو كأس السوبر الإفريقي، وسجل ثلاثة أهداف فقط في دوري أبطال إفريقيا جميعها في دور الثمانية دون أن يسجل في مباريات الدور قبل النهائي أو النهائي، ولم ينجح في تسجيل أي هدف في كأس العالم للأندية.
ولو كانت الأمور تقاس بعدد البطولات لكان سيد معوض لاعب الأهلي ومنتخب مصر يصبح أفضل من الايفواري ديديه دروجبا لحصول معوض على كأس أمم إفريقيا وتتويجه بأربع بطولات محلية وإفريقية مع الأهلي بعكس دروجبا الذي لم يحقق أي بطولة سواء مع تشيلسي أو كوت ديفوار
اي أن أبو تريكة سجل ثمانية أهداف فقط مع الأهلي طوال عام 2008 وجميعها أهداف عادية وغير حاسمة أو مؤثرة في الفوز بالبطولات، ومعدله التهديفي مع الأهلي 0.66 هدف في كل شهر!
على الجانب الأخر نجد أن أديبايور سجل 21 هدفا في الدوري الانجليزي في عام 2008، وحصل على المركز الثاني في ترتيب هدافي الدوري الانجليزي في موسم 2007-2008 خلف البرتغالي كريستيانو رونالدو، وسبعة أهداف في دوري أبطال أوروبا (أقوى بطولة في العالم)، بالاضافة لهدفين في كأس إنجلترا وهدف في كأس كارلنج، باجمالي 31 هدف بمعدل 2.6 هدف في الشهر.
ولمن لا يعرف فإن أديبايور تم ترشيحه لجائزة أفضل لاعب في الدوري الانجليزي موسم 2007-2008، كما قام الاتحاد الدولي (فيفا) بترشيحه ضمن أفضل 20 لاعبا في العالم عام 2008 والتي لم تضم أبو تريكة، بالاضافة لحصوله على لقب أفضل لاعب إفريقي في استفتاء مجلة "سوبر" الاماراتية متفوقا على تريكة علما بأنه استفتاء أقيم في دولة عربية ومعظم من شارك في التصويت فيه كانوا نقاد وخبراء عرب بعكس استفتاء الكاف.
وعرض هذه الأرقام ليس تقليلا مني من شأن وقيمة أبو تريكة الذي أعشقه ولا تعظيما من شأن أديبايور لأنني لا أحمل الجنسية التوجولية ولكن توضيحا للصورة لدى الجماهير الغاضبة والحزينة والتي اتهم بعضها الكاف بالظلم والتحيز للبشرة السمراء.
وقد نشر الكاف القائمة بالكامل لاختيارات مدربي القارة ولمن منحوا أصواتهم وذلك يعطي الجائزة مزيدا من المصداقية والشفافية وحتى يسكت هذه المهاترات والتحدث عن نظرية المؤامرة.
والغريب أن العديد من الجماهير لم يتوقع دخول أبو تريكة في قائمة أفضل ثلاثة لاعبين وتوقعوا دخول زكي، ولكنهم "طمعوا" في الحصول على الجائزة بعد وصول تريكة لمرحلة متقدمة، ولم يتحدث أحد عن زكي أو تعرضه للظلم، ولو كان زكي هو من دخل في القائمة النهائية لتحدث الجميع اليوم عن الظلم الذي تعرض له زكي ولم يكن أحد سيتحدث عن تريكة.
ولو كان أبو تريكة قد فاز بالجائزة كان سيتم اتهام الكاف بأنه منحاز للأهلي لوجود مصطفى فهمي وشطة وعمرو شاهين وكان سيتم توجيه هذا الاتهام له من جانب جميع الدول "السمراء" ومن قبلهم مشجعي الزمالك "المصري".
الغريب أيضا أن أبو تريكة كان قد حقق انجازات أكثر وأفضل في عام 2006 وحقق كأس الأمم مع منتخب مصر وقاد الأهلي للفوز بدوري أبطال إفريقيا بهدفه التاريخي في الصفاقسي وقاده للفوز بالمركز الثالث في كأس العالم للأندية حاصدا لقب هداف البطولة ومع ذلك لم يتحدث أحد عن الظلم الذي تعرض له وقتها.
خلاصة الموضوع
هذه المقالة ليست تقليل من شأن أبو تريكة لأنه نجما وسيظل نجما معشوقا للجماهير، ومجرد حصوله على المركز الثاني وهو يلعب داخل القارة يعد انجازا تاريخيا له، كما أنه يكفيه حب الجماهير في الوطن العربي كله وهو الحب الذي لا يقدر بمال وأهم من جميع الجوائز، وأؤكد وبكل صدق وحياد أنني أعشق تريكة كلاعب وكشخص أكثر كثيرا من العديد من الجماهير التي ستعترض على ما كتبت.
نقطة أخيرة
نفترض جدلا أن عمرو زكي انتقل الموسم المقبل لتشيلسي الانجليزي وتألق معه بشكل كبير في عام 2010 وسجل العديد من الأهداف المهمة في الدوري الانجليزي ودوري أبطال أوروبا ولم يحصد أي بطولة سواء مع تشيلسي أو مع منتخب مصر.
وفي المقابل، قاد التونسي عبد الكريم النفطي منتخب بلاده للفوز بكأس أمم إفريقيا عام 2010 وقاد فريقه الصفاقسي للفوز بالدوري التونسي ودوري أبطال إفريقيا في العام نفسه، فمن سيكون الأحق وقتها للفوز باللقب زكي أم النفطي؟ .. أترك الاجابة لكم.